على ناصية مقاومة

——————————————

صباح الخير 

صباح مليء بما تحب أن تفعل وبما لا تحب 

صباح يختلف عن الأمس وعن غد وعن أيامك السابقة كلها والآتية 

صباح تتفاوت فيه قدرتك على المقاومة

أصبحت على يوم جديد بتغيّرات جديدة بمزاج جديد وبقدرة على مقاومة جديدة ..

بدءاً من مقاومة النعاس على فراش سريرك تُشرق معك شمس ذلك العراك 

يوم مليء بما لا تطيق أن تفعل .. فـ تفعل .. لأنك ببساطة مجبر

يوم تود أن تبدأه بقهوة مثلاً ولا تجد القدرة على غَلْيها

اليوم بالذات قلّت عندك مقاومة أن تفعل , فشربت الشاي مجبر 

تبحث عن قميصك الأزرق مثلاً , لا تجده مهيأ لأن تخرج به .. تأخذ ذاك الأبيض وترتديه

فاليوم بالذات فقدت قدرتك على الجدال وهربت من معركة الصباح الشهيرة بـ "أين جواربي يا ...." !

ذاهباً لعملك بتلك الحافلة كالمعتاد ..

وفي منتصف الطريق باتجاه مكان التجمع تنوي أن تذهب بالتاكسي

في هذا اليوم بالذات لم تود أن تقف على قدميك طوال المشوار .. قلّت مقاومة جسدك .. عليك أن ترتاح 

تدخل عملك بـ " السلام عليكم " وتكتفي

لم تسأل عن حال أحد , فتح أحاديث الصباح والضحك عادتك

عدا اليوم لم تود أن تدخل بحديث فيتلوه حديث , اكتفيت بسلام

في هذا اليوم بالذات قدرتك على تحمل الرأي الآخر قلّت , تلك المقاومة ركنتها جانباً ليوم ..

تعيش يومك بين أشياء تتعارك معها .. تقاومها

مقاومات بسيطة تملئ لك يومك بالكامل

وكأن ينقصك الشيء البسيط منها !!

ألم تكتفي الحياة بأننا نقاوم وجودنا فيها !!

ألم تكتفي هذه الدنيا بأننا نقاوم ليلها تارة وصباحها تارة أخرى .!

ألم تكتفي بأننا نقاوم أحداث لا حيلة لنا فيها ولا قوة .!

تلك الأحداث المقبلة علينا على عكس ما توقعنا تماماً

نقاومها ونعيش معها مجبرين بعد غُلب  

ألم تكتفي بعد هذه الأيام بأننا نعيش مقاومة شبه يومياً مع مشاعرنا .!

ألف تكتفي من أننا هرمنا ونحن نُقاوم ما كَرِهنا لِيتّفق واقعنا مع أمانينا !

ألف تكتفي الدنيا بأن لنا فيها صباحات كثيرة تحجب الشمس أشعتها عن أحلامنا .! نكاد لا نراها .. تطمسها تماماً .. ألم نقاوم ذلك !!

ومن بعد هذه الكبائر من المقاومات تأتي تلك التافهة منها .. تأتي تلك التافهة وتجعل ردود أفعالنا أمام أمور الحياة أتفه بكثير 

تقاوم كلمات أُسمعت لك , تقاوم نفسك كي تصمت

الكثير من الطباع تأتي بعد مزاولة مقاومة ما ..

فأنا لا أتفق تماماً مع "الطبع يغلب التطبع" 

ستتطبع بصمت , بثرثرة , بتجاهل , باهتمام .. بما تريد بعد أن قاومت المعاكس له 

على قدر ما تقاوم تَكُن .. حقيقةً نحن نعيش في يوم مليء بما نقاوم ويتبعه يوم أشبه به مع اختلاف درجة المقاومة فقط .. 

لم يحكِ أحد لي بأنني أفيق لأجاهد , لأقاوم , لأكون أنا , لأحب ما أنا عليه , ولأقاوم ما أكره فيني

لم يحكِ لي أحد أن لي في هذه الحياة رصيد كافي ولم ينته ولن ينتهي من المقاومات , ستعيش معي طوال عمري كذخيرة

ولم أحكِ لأحد ما بأن ما يُرى مني أتى من بعد مقاومات لم أخبر أحداً عنها 

تلك الكبائر والتوافه التي قاومتها جعلت مني أنا الآن وتلك التي ستأتي ستجعل مني أنا القادمة ..

فـ صباحاتي أصبحت على قناعة تامة معي بـ (أن تعيش يعني أن تقاوم) .. تلك الحياة لن تدع لي و لك يوماً محرماً فيه علينا مجابهة تلك المقاومة , على العكس ستُابح لنا المقاومة بأسلحتها كي تمر الأيام , كي نعيش , كي ننفذ , كي نتغير وأكون أنا وتكون أنت .

——————————————

( قِف على ناصية الحياة وقاوِم )

:)