لغة نبض
جهلاء الحديث لا زالوا بيننا .. أميّين لغة النبض باقين إلى هذه اللحظة ..
الكلمة إن جمعت فوقها كلمة وأنهيتها بكلمة لن تُكَوّن لك جملة فقط .. قد تخلق منك صديق .. حبيب .. غُرباء تَسكن في قلبهم خلوداً أبدياً .. الكلمة قد تُجْري بحار فرحك إليك بلا ركود .. الكلمة قد تبني حولك سداً مانع حظ تندبه ! وبالحقيقة ماهو إلا مانع رزق .. ليس الحظ ما يستحق الندب عليه .. فقر الرزق أحق بأن تحزن أحياناً لفقده .. أعني بذلك رزق التلفظ الصحيح .. هو ما يستحق ندبك المتقطع المتواصل ..
أن تنتقي الكلمات يعني أن تنتقي مشاعر سَتُخلق لك .. سَتَخلق منك صفة لم تكن مصوّرة من قبل المُتَلّقي ..
أن تعي ما تقول .. أن تزن كلماتك بميزان قلبك قبل التلفظ بها هو جزء من النضج المكمل لباقيك الناضج حسب ما تدّعي.!
كثيراً ما نُلقي كلماتٌ جارحة كوَّناها نحن من أحرف أشبه بسكاكين من أن تكون مجرد هجاء لغوي بأصوات حادة المشاعر قاتلة قتل مُتعمد لمن لا يود سماع مدح أو ذم ..
كثيراً ما نُخطىء في حق ألسنتنا وقلوبنا .. رفقاً بالحرف .. رفقاً بتجميع الأحرف .. رفقاً بالتنوين إن كان مرفوعاً لضرب وجدان .. أو كان مكسوراً فكسرته زيادة .. رفقاً بحرف الجر الذي لم يُخْلق لجر عبئاً من هلاكٍ إليك ..
رفقاً بالمدود .. لا تمد إلا خير الكلام .. نقها من شوائب شرها ..
رفقاً كثيراً وفيراً بضمائر الخطاب .. آه كم قتلت ضمائر من قلوب .!
الكلمات لغة نبض .. لغة تعارف .. لغة خَلْق عدو أو صديق ..
لغة إن فُقِد أدبها كَثُرَ الخاسرين .. خاسرين الصدقات .. كيف لهم أن ينسوا أن الكلمة الطيبة صدقة.!
كيف لهم أن يجهلوا أن أطهر العبادات تلك التي تنقينا من أخطاء أخطائنا الوليدة معنا لا تكن مبرورة إلا بطيب الكلام .!
رمي الكلام كما رمي السهام .. سهم مدببٌ حاد أم سهم ياسمين عابر كبلسم ..
أنت وكلمتك إما مهلكين أو منقذين ..
كلمتك إما أن تكون نجاة من سقوط أو أن تكون هي سبب السقوط بحد ذاتها و نبرتها وما حوته من تشكيل .!
نحن نعيش على حافة الأشياء .. حافة فرح .. حافة حزن .. حافة سقوط .. أو حافة موت لحظي .!
جميعنا معرضون للخوض عيشاً بعمق هذه الحواف .. غلغل غيرك سقوطاً بالفرح .. هو على حافة حزن ما .. اجلبه جراً بحروف الجر لحافة أخرى تسعده .. فأسقطه فرحاً يبقيك به .. يعيشه ويتذكرك ..
علماً بأنه سيذكر كلماتك قبلك .
تعليقات
إرسال تعليق